القانون رقم 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني


قانون 67.12: تنظيم كراء المحلات في المغرب

قانون رقم 67.12 هو تشريع مغربي يهدف إلى تنظيم علاقات الكراء بين المكري (المالك) والمكتري (المستأجر) للمحلات السكنية أو التجارية. تم وضع هذا القانون لتحسين نظام الكراء وضمان حقوق الطرفين، كما يحدد الإجراءات التي يجب اتباعها في حالات التغيير أو الإنهاء أو النزاعات. في هذا المقال، سنتناول هذا القانون بشكل مفصل، مستعرضين أهم مواده وكيفية تطبيقها.

أولاً: التعديلات على الوجيبة الكرائية

من بين أهم النقاط التي يركز عليها قانون 67.12 هو تنظيم التعديلات على الوجيبة الكرائية. وفقاً للمادة 33، فإن المكري لا يمكنه تعديل الوجيبة الكرائية بشكل أحادي في حالة تولية الكراء أو التخلي عنه بدون اتفاق مسبق مع المكتري. هذا يعني أن أي تعديل في الإيجار يجب أن يتم بناءً على اتفاق بين الطرفين، وإلا فإن التعديل يعتبر غير قانوني.

في حالة حدوث التولية أو التخلي عن المحل بدون اتفاق على تعديل الإيجار، يظل المكري محقاً في مراجعة الوجيبة الكرائية، ولكن هذا يتطلب تقديم إشعار بذلك وتوثيقه بشكل قانوني.

ثانياً: التولية والتخلي عن المحل

يتناول القانون مسألة التولية والتخلي عن المحل في المواد 43 و44. إذا تمت التولية أو التخلي عن المحل بشكل غير قانوني، يعتبر المتولي أو المتخلى له محتالاً دون حق أو سند قانوني. في مثل هذه الحالات، يمكن للمكري أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة إصدار أمر بطرد الأشخاص المتواجدين في المحل، بما في ذلك المكتري أو من يقوم مقامه.

إذا تسببت التولية أو التخلي في أضرار جسيمة بالمحل، للمكري الحق في طلب فسخ العقد وإعادة المحل إلى حالته السابقة قبل التولية أو التخلي، وذلك لحماية مصالحه وضمان عدم تضرر العقار.

ثالثاً: إنهاء عقد الكراء

الإنهاء القانوني لعقد الكراء هو موضوع رئيسي في هذا القانون، حيث يحدد المادة 44 أن عقود كراء المحلات لا تنتهي إلا بعد تقديم إشعار بالإفراغ. يجب على المكري الذي يرغب في إنهاء العقد تقديم إشعار مكتوب يحتوي على أسباب جدية ومشروعة، مثل استرداد المحل للسكن الشخصي، أو هدم المحل وإعادة بنائه، أو التماطل في دفع الوجيبة الكرائية.

تنص المادة 46 على أن الإشعار بضرورة الإفراغ يجب أن يشمل أسباب الإنهاء ويكون شاملاً لجميع مرافق المحل. يجب أن يتضمن الإشعار مدة شهرين على الأقل قبل انتهاء عقد الكراء. وإذا لم ينفذ المكتري الأمر بالإفراغ، يمكن للمكري طلب تصحيح الإشعار من المحكمة.

رابعاً: تصحيح إشعار الإفراغ

إذا امتنع المكتري عن الإفراغ رغم تلقيه إشعاراً، يمكن للمكري أن يطلب من المحكمة تصحيح الإشعار وتأكيده. يجب أن يتضمن طلب التصحيح الأسباب الواردة في المادة 45، والتي تشمل حالات مثل استرداد المحل لأغراض سكنية شخصية أو هدم وإعادة بناء المحل.

عند تقديم طلب التصحيح، يجب على المكري إثبات أن المحل كان ملكاً له لمدة لا تقل عن 18 شهراً، وأن المكري أو أفراد عائلته المباشرين لا يملكون سكنًا بديلًا. إذا لم يتم استيفاء هذه الشروط، يجب على المكري عرض سكن مماثل للمكتري لتفادي الشروط.

خامساً: فسخ العقد والحقوق بعد الوفاة

تنص المادة 55 على أن عقد الكراء ينفسخ تلقائياً بوفاة المكتري، ولكن مع مراعاة أحكام المادة 53 التي تضمن حقوق أفراد العائلة مثل الزوج أو الأطفال. هؤلاء الأفراد يمكنهم الاستمرار في الاستفادة من المحل بناءً على شروط العقد.

إذا كان المحل معداً للاستخدام المهني، فإن الأفراد المشار إليهم في المادة 53 يمكنهم الاستمرار في استخدامه وفقاً للشروط التعاقدية السابقة. إذا توفي المكتري، يظل العقد ساريًا بالنسبة للأشخاص الذين كانوا تحت كفالته القانونية ويعيشون معه فعلياً عند وفاته.

سادساً: استرجاع المحلات المهجورة

تتناول المواد من 57 إلى 70 موضوع استرجاع المحلات المهجورة أو المغلقة. يعتبر المحل مهجوراً إذا ظل مغلقاً لمدة ستة أشهر على الأقل، ولم يتم تفقده من قبل المكتري أو من يمثله. في هذه الحالة، يمكن للمكري تقديم طلب إلى رئيس المحكمة لاسترجاع الحيازة.

إذا ظهر المكتري أو من يمثله بعد تنفيذ أمر الاسترجاع، يمكنهم طلب إعادة الحالة إلى ما كانت عليه بشرط أن يكونوا قد دفعوا كافة المبالغ المستحقة. إذا كان من المستحيل تنفيذ هذا الأمر، يمكن للمكتري المطالبة بتعويض عن الضرر الذي لحقه نتيجة ذلك.

سابعاً: الاختصاص والمسطرة

يحدد القانون أن المحكمة الابتدائية لموقع المحل هي المختصة بالنظر في القضايا المتعلقة بكراء المحلات. الأحكام الصادرة عن هذه المحاكم قد تكون مشمولة بالنفاذ المعجل في بعض الحالات مثل الأحكام المتعلقة بالديون والإفراج عن المحلات.

ثامناً: المقتضيات الانتقالية

يدخل القانون حيز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. ينطبق القانون على عقود الكراء الجارية والقضايا غير المكتملة عند نشره، دون تجديد للأعمال والإجراءات التي صدرت قبل دخوله حيز التنفيذ.

يتعين على الأطراف التي لديها عقود كراء قديمة والتي لا تستجيب لمقتضيات القانون الجديد التوصل إلى اتفاق لتعديل عقودهم وفقاً لمتطلبات القانون الجديد. يعتبر هذا التعديل ضرورياً لضمان التوافق مع الأحكام الجديدة وتجنب النزاعات القانونية.

خاتمة

قانون 67.12 هو خطوة مهمة نحو تحسين تنظيم العلاقات بين المكري والمكتري في المغرب. يوفر هذا القانون إطاراً قانونياً واضحاً لتنظيم تعديلات الإيجارات، وإجراءات الإنهاء، واسترجاع المحلات المهجورة، ويضمن حقوق الأطراف المعنية في مختلف الظروف. يهدف هذا التشريع إلى تحقيق توازن بين حقوق المالكين والمستأجرين، وتعزيز العدالة القانونية في مجال الكراء.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-